حبيبتي.. و الله قربك من هذا الشاب.. ليس السعادة.. و كلامك معه.. هو عين التعاسة.. و الشقاء..
أنت الآن تواجهين مرضاً .. مرض العشق.. و أمامك خياران..إما أن تدمني المسكنات.. التي تخفف الألم وقتياً.. ثم ما يلبث أن يفترسك عند أقرب فرصة..
و إما أن تختاري الشفاء.. الذي سيسومك ألواناً من العذاب.. و لكن النتيجة.. البرء التام من المرض.. و ولادة روح جديدة..
إن اخترتِ أن تكلميه.. و تبقي على تواصل معه.. فقد اخترتِ الخيار الأول... سيسكن ألمك وقتياً.. لكن المرض لا زال موجوداً..و إن اخترتِ الخيار الثاني.. وهو أن تنهي العلاقة..
ستتألمين.. بل ستتألمان كليكما.. لكن العاقبة محمودة.. لن تتصوري جمالها ما لم تجربيها بنفسك..
حبيبتي.. أعلم أن الخير في قلبك النقي كثير.. و أعلم أنك مؤمنة.. عفيفة.. تقية.. تحبين الله و رسوله..
و تريدين الأصلح لك و لهذا الشاب.. لكنك تقفين أمام اختيار صعب.. و عقبة كؤود..
و أعلم أن الشيطان.. سيحاول بشتى الطرق و الوسائل أن يثني عزمك الصادق على التوبة..
" قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ "
سيأتيك عن يمينك و شمالك و من وراءك و من أمامك.. سيقلقك بالأفكار .. سيبث في قلبك الوهن.. و الخوف.. الخوف من الفراق.. الخوف من أن تفقدي.. قلباً حنوناً..
أغدقك بكلمات لبقة.. سيخوفك الشيطان من الإقدام.. و الإقبال على الله.. سيصور لك الحياة بعد الفراق.. سواداً في سواد.. و كذب والله..
"لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا".. لا يريد لك الشيطان أن تذوقي حلاوة الإيمان.. لأنه يعلم أنك لو ذقتيها.. فلن ترضي عنها بديلاً..
لم لا تنفضين عن نفسك ذنوباً ثقالاً أنهكت ظهرك؟ و سودت قلبك؟ حبيبتي.. تعالي إلى رحاب الإيمان.. تعالي إلى مناجاة الله.. المناجاة اللذيذة..
التي كان الرسول يدعو ربه أن يرزقه إياها "اللهم ارزقني لذة مناجاتك".. و الله لذة مناجاة الله.. ليست كلذة البدن.. أبداً.. هي شيئ مختلف..
لا أعرف كيف أصفه لك.. شيئ.. تحسين معه أنك في عالم آخر.. عالم جميل.. برد غريب ذاك الذي ينسكب في صدرك..و كأنما هو نسائم لطيفة.. تداعب ظهرك.. و كتفيك..
برد ليس من الدنيا و رب السماء.. لذة.. إن شعرت بها.. ستهدأين.. ستسكنين.. ستبتسمين في هدوء.. و تشعرين أن روحك في انسجام غريب مع كل شيئ..
سيرتاح قلبك.. بعد طول أنين.. سيوقن.. بالفرج.. و يترقب السعادة.. و ستأتيه.. و ما هذا الذي ترينه إلا أوائل التوبة.. و القادم أجمل.. بكثير..
سيصلح الله لك أمر دينك و دنياك.. سيتكفل بك.. سترين توفيقه لك في كل خطوة.. سترينه.. معك.. بتوفيقه.. بتدبيره.. و معونته.. سترين كيف يستقبلك الناس ببشاشة..
و يفرحون بك.. ستنظرين إلى وجهك.. و تحسين بهالة من النور.. تغشاه.. أقسم بالله.. ستعيشين لحظات.. تتمنين معها الموت.. لتلقي ربك من حلاوة ما تحسين.. و تستشعرين..
يكفي أن تتأملي كلام الله على لسان نبينا الحبيب محمد صلى الله عليه و سلم " أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي ، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي ، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي ،
وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُ ، وَإِنِ اقْتَرَبَ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا ، وَإِنِ اقْتَرَبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا اقْتَرَبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا ، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً "
ألم تتشوقي لأن تسيري إلى الله؟ أولا تريدين أن تقطعي المسافات ذاهبة إليه؟ رغم كل العقبات.. رغم كل الصعوبات.. إذهبي إليه.. إتركي الدنيا وراءك.. إذهبي إليه..
حسبك أنك حالما ترفعين يديك بالتكبير.. يقبل جل جلاله بوجهه إليك.. أمتصورة أنت هذا المعنى؟ أن يقبل بوجهه الجميل إليك.. و حالما تسجدين.. تكونين اقرب إليه من أي
موضع آخر.. تصوري.. أن تناجي الذي هو أقرب إليك من حبل الوريد؟ الذي يسمع أناتك و زفراتك.. و يسمع تنهداتك و يرى دمعك المنسكب.. و يعلم بقلبك المنهك..
سيفرح بك.. رب العزة و الجلال.. يفرح بك أنت.. رغم أنك لا تزيدين في ملكه شيئاً بطاعتك.. و لا تنقصين من ملكه شيئاً بمعصيتك.. بل أنت الرابحة أولاً وأخيراً..
فلك الحياة الهانئة السعيدة المطمئنة في الدنيا.. و لك جنة عرضها السماوات و الأرض في الآخرة.. و لك هاهنا.. جنة معجلة.. في قلبك!! ستدخلين الجنة بقلبك هنا قبل
بدنك.. إذن هلمي.. و لا تنثني .. و لا تتواني..